وقيل لبعضهم ما الزهد في الدنيا قال ترك ما فيها على من فيها.
وقال رجل لذي النون المصري متى تراني أزهد في الدنيا قال إذا زهدت في نفسك.
وقال رجل ليحيى بن معاذ متى تراني ادخل حانوت التوكل والبس رداء الزهد واقعد بين الزاهدين فقال إذا صرت من رياضتك لنفسك في السر إلى حد لو قطع الله عنك القوت ثلاثة أيام لم تضعف في نفسك ولا في يقينك فاما ما لم تبلغ إلى هذه الدرجة فقعودك على بساط الزاهدين جهل ثم لا آمن أن تفتضح.
وقال أحمد بن حنبل الزهد على ثلاثة أوجه ترك الحرام وهو زهد العوام وترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص وترك كل ما يشغلك عن الله وهو زهد العارفين.
وقال يحيى بن معاذ الدنيا كالعروس فطالبها كماشطتها تحسن وجهها وتعطر ثوبها والزاهد فيها كضرتها تسخم وجهها وتنتف شعرها وتحرق ثوبها و العارف مشتغل بالله لا يلتفت إليها ولا يشعر بها.
وكان النصر آباذي يقول في مناجاته يا من حقن دماء الزاهدين وسفك دماء العارفين.
وكان يقال إن الله تعالى جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد وجعل الشر كله في بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا.
* * * ومنها الصمت وقدمنا فيما سبق من الاجزاء نكتا نافعه في هذا المعنى ونذكر الان شيئا آخر قال رسول الله صلى الله عليه وآله (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذين جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو فليصمت).