وقال ذو النون حقيقة التوبة أن تضيق عليك الأرض بما رحبت حتى لا يكون لك قرار ثم تضيق عليك نفسك كما أخبر الله تعالى في كتابه بقوله ﴿حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجا من الله الا إليه ثم تاب عليهم﴾ (1).
وقيل لأبي حفص الحداد لم تبغض الدنيا فقال لأني باشرت فيها الذنوب قيل فهلا أحببتها لأنك وفقت فيها للتوبة فقال انا من الذنب على يقين ومن هذه التوبة على ظن.
وقال رجل لرابعة العدوية فقال إني قد أكثرت من الذنوب والمعاصي فهل يتوب على إن تبت قالت لا بل لو تاب عليك لتبت.
قالوا ولما كان الله تعالى يقول في كتابه العزيز (إن الله يحب التوابين) دلنا ذلك على محبته لمن صحت له حقيقة التوبة ولا شبهة أن من قارف الزلة فهو من خطئه على يقين فإذا تاب فإنه من القبول على شك لا سيما إذا كان من شرط القبول محبة الحق سبحانه له والى أن يبلغ العاصي محلا يجد في أوصافه أمارة محبة الله تعالى إياه مسافة بعيدة فالواجب إذا على العبد إذا علم أنه ارتكب ما يجب عنه التوبة دوام الانكسار وملازمة التنصل والاستغفار كما قيل استشعار الوجل إلى الاجل.
وكان من سنته عليه السلام دوام الاستغفار وقال (انه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم سبعين مره) (2).