واليفاع: الأرض المرتفعة. والتجلجل: صوت الرعد.
وما تلاشت عنه بروق الغمام، هذه الكلمة أهمل بناءها كثير من أئمة اللغة، وهي صحيحة وقد جاءت ووردت، قال ابن الاعرابي: لشا الرجل، إذا اتضع، وخس بعد رفعه، وإذا صح أصلها، صح استعمال الناس، تلاشى الشئ، بمعنى اضمحل.
وقال القطب الراوندي: تلاشى مركب من (لا شئ)، ولم يقف على أصل الكلمة، وقد ظهر الان أن معنى كلامه عليه السلام أنه سبحانه يعلم ما يصوت به الرعد، ويعلم ما يضمحل عنه البرق.
فإن قلت: وهل يقصد الرعد بجلجلته معنى معقولا ليقال: إن البارئ يعلمه؟ ثم ما المراد بكونه عالما بما يضمحل البرق عنه؟.
قلت: قد يكون تعالى يحدث في الرعد جلجلة، أي صوتا ليهلك به قوما، أو لينفع به قوما، فعلمه بما تتضمنه تلك الجلجلة هو معنى قولنا: يعلم ما يصوت به الرعد، ولا ريب أن البرق يلمع فيضئ أقطارا مخصوصة، ثم يتلاشى عنها، فالبارئ سبحانه عالم بتلك الأقطار التي يتلاشى البرق عنها.
فإن قلت: هو سبحانه عالم بما يضيئه البرق، وبما لا يضيئه، فلماذا خص بالعالمية ما يتلاشى عنه البرق؟
قلت: لان علمه بما ليس بمضئ بالبرق أعجب وأغرب، لان ما يضيئه البرق يمكن أن يعلمه أولو الابصار الصحيحة، فأراد عليه السلام أن يشرح من صفاته سبحانه ما هو بخلاف المعتاد بين البشر، ليكون إعظام السامعين له سبحانه أتم وأكمل.
والعواصف: الرياح الشديدة، وأضافها إلى الأنواء، لان أكثر ما يكون عصفانها في الأنواء، وهي جمع نوء، وهو سقوط النجم من منازل القمر الثمانية والعشرين في المغرب