قلت: لما كانت مراتب الزيادة مختلفة جاز أن يقال: (لا يعتوره الزيادة)، فكذلك القول في جانب النقصان، وجرى كل واحد من النوعين مجرى أشياء متنافية، تختلف على الموضع الموصوف بها.
قوله عليه السلام: (موطدات) أي ممهدات مثبتات.
والعمد: جمع عماد، نحو إهاب وأهب، وإدام وأدم، وهو على خلاف القياس، ومنه قوله تعالى: ﴿في عمد ممدة﴾ (١)، وقوله تعالى: ﴿خلق السماوات بغير عمد ترونها﴾ (٢)، والسند ما يستند إليه.
ثم قال: (دعاهن فأجبن طائعات)، هذا من باب المجاز والتوسع، لان الجماد لا يدعى، وأما من قال: إن السماوات أحياء ناطقة، فإنه لم يجعلهن مكلفات ليقال: ولولا إقرارهن له بالربوبية لما فعل كذا، بل يقول ذلك على وجه آخر، ولكن لغة العرب تنطق بمثل هذا المجاز، نحو قول الراجز:
امتلأ الحوض وقال قطني * مهلا رويدا قد ملأت بطني (٣).
ومنه قوله تعالى: ﴿ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين﴾ (4).
ومنه قول مكاتب لبني منقر التميميين، كان قد ظلع (5) بمكاتبته، فأتى قبر غالب بن صعصعة، فاستجار به، وأخذ منه حصيات فشدهن في عمامته، ثم أتى الفرزدق فأخبره خبره، وقال: إني قد قلت شعرا، قال: هاته، فأنشده: