بقبر ابن ليلى غالب عذت بعد ما * خشيت الردى أو أن أرد على قسر بقبر امرئ يقرى المئين عظامه * ولم يك إلا غالبا ميت يقرى فقال لي استقدم أمامك إنما * فكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر.
فقال: ما اسمك؟ فقال: لهذم، قال: يا لهذم حكمك مسمطا، قال: ناقة كوماء (1) سوداء الحدقة، قال: يا جارية اطرحي لنا حبلا، ثم قال: يا لهذم اخرج بنا إلى المربد فألقه في عنق ما شئت من إبل الناس، فتخير لهذم على عينه ناقة، ورمى بالحبل في عنقها، وجاء صاحبها، فقال له الفرزدق: اغد على أوفك ثمنها، فجعل لهذم يقودها، والفرزدق يسوقها، حتى أخرجها من البيوت إلى الصحراء، فصاح به الفرزدق: يا لهذم، قبح الله أخسرنا! فخبر الشاعر عن القبر، بقوله: (فقال لي استقدم أمامك) والقبر والميت الذي فيه لا يخبران، ولكن العرب وأهل الحكمة من العجم يجعلون كل دليل قولا وجوابا، ألا ترى إلى قول زهير:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم (2).
وإنما كلامها عنده أن تبين ما يرى من الآثار فيها عن قدم العهد بأهلها.
ومن كلام بعض الحكماء: هلا وقفت على تلك الجنان والحيطان، فقلت: أيتها الجنان، أين من شق أنهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك! فإن لم تجبك حوارا، أجابتك اعتبارا!.
وقال (3) النعمان بن المنذر، ومعه عدى بن زيد، في ظل شجرات مونقات يشرب،