جبريل وميكائيل، وجنود الملائكة المقربين، في حجرات القدس مرجحنين، متولهة عقولهم أن يحدوا أحسن الخالقين، وإنما يدرك بالصفات ذوو الهيئات والأدوات، ومن ينقضي إذا بلغ أمد حده بالفناء، فلا إله إلا هو أضاء بنوره كل ظلام، وأظلم بظلمته كل نور.
* * * الشرح:
ليس يعنى بالكائن هاهنا ما يعنيه الحكماء والمتكلمون، بل مراده الموجود، أي هو الموجود قبل أن يكون الكرسي والعرش وغيرهما، والأوائل يزعمون أن فوق السماوات السبع سماء ثامنة، وسماء تاسعة، ويقولون: إن الثامنة هي الكرسي، وإن التاسعة هي العرش.
قوله عليه السلام: (لا يدرك بوهم)، الوهم هاهنا (1): الفكرة والتوهم.
ولا يقدر بفهم، أي لا تستطيع الافهام أن تقدره وتحده.
ولا يشغله سائل كما يشغل السؤال منا من يسألونه.
ولا ينقصه العطاء، كما ينقص العطاء خزائن الملوك.
ولا يبصر بجارحة، ولا يحد بأين، ولفظة أين في الأصل مبنية على الفتح، فإذا نكرتها صارت اسما متمكنا، كما قال الشاعر:
ليت شعري وأين منى ليت * إن (ليتا) وإن (لوا) عناء.
وإن شئت قلت: إنه تكلم بالاصطلاح الحكمي والأين عندهم، حصول الجسم في المكان، وهو أحد المقولات العشر.