وروى أهل الحديث أن أم هانئ كانت يوم الفتح في بيتها، فدخل عليها هبيرة ابن أبي وهب بعلها، ورجل من بنى عمه! هاربين من علي عليه السلام، وهو يتبعهما وبيده السيف، فقامت أم هانئ في وجهه دونهما، وقالت: ما تريده منهما، ولم تكن رأته من ثماني سنين، فدفع في صدرها، فلم تزل عن موضعها، وقالت: أتدخل يا علي بيتي، وتهتك حرمتي، وتقتل بعلي، ولا تستحي منى بعد ثماني سنين! فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أهدر دمهما، فلا بد أن أقتلهما. فقبضت على يده التي فيها السيف، فدخلا بيتا ثم خرجا منه إلى غيره، ففاتاه، وجاءت أم هانئ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدته يغتسل من جفنة فيها أثر العجين، وفاطمة ابنته تستره بثوبها، فوقفت حتى أخذ ثوبه، فتوشح به، ثم صلى ثماني ركعات من الضحى، ثم انصرف، فقال: مرحبا وأهلا بأم هانئ! ما جاء بك؟ فأخبرته خبر بعلها وابن عمه، ودخول علي عليه السلام بيتها بالسيف. فجاء علي عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله يضحك، فقال له: ما صنعت بأم هانئ؟ فقال: سلها يا رسول الله ما صنعت بي! والذي بعثك بالحق لقد قبضت على يدي وفيها السيف، فما استطعت أن أخلصها إلا بعد لأي، وفاتني الرجلان. فقال صلى الله عليه وآله: (لو ولد أبو طالب الناس كلهم لكانوا شجعانا، قد أجرنا من أجارت أم هانئ، وأمنا من أمنت، فلا سبيل لك عليهما).
فأما هبيرة فلم يرجع، وأما الرجل الاخر، فرجع فلم يعرض له.
قالوا: وأقام هبيرة بن أبي وهب بنجران حتى مات بها كافرا، وروى له محمد بن إسحاق في كتاب المغازي شعرا أوله:
أشاقتك هند أم أتاك سؤالها * كذاك النوى أسبابها وانفتالها.
يذكر فيه أم هانئ وإسلامها، وأنه مهاجر لها إذ صبت إلى الاسلام، ومن جملته: