والله أعلم بحقيقة هذه الحال، ولا يبعد عندي أن يصدق الخبران معا، بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وقت الوفاة مستندا إلى علي وعائشة جميعا، فقد وقع الاتفاق على أنه مات وهو حاضر لموته، وهو الذي كان يقلبه بعد موته، وهو الذي كان يعلله ليالي مرضه، فيجوز أن يكون مستندا إلى زوجته وابن عمه ومثل هذا لا يبعد وقوعه في زماننا هذا، فكيف في ذلك الزمان الذي كان النساء فيه والرجال مختلطين لا يستتر البعض عن البعض!
فإن قلت: فكيف تعمل بآية الحجاب، وما صح من استتار أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله عن الناس بعد نزولها؟.
قلت: قد وقع اتفاق المحدثين كلهم على أن العباس كان ملازما للرسول الله صلى الله عليه وآله أيام مرضه في بيت عائشة، وهذا لا ينكره أحد، فعلى القاعدة التي كان العباس ملازمه صلى الله عليه وآله كان علي عليه السلام ملازمه، وذلك يكون بأحد الامرين:
أما بأن نساءه لا يستترن من العباس وعلى لكونهما أهل الرجل وجزء منه، أو لعل النساء كن يختمرن بأخمرتهن، ويخالطن الرجال فلا يرون وجوههن، وما كانت عائشة وحدها في البيت عند موته، بل كان نساؤه كلهن في البيت، وكانت ابنته فاطمة عند رأسه صلى الله عليه وآله.
فأما حديث مرضه صلوات الله عليه ووفاته، فقد ذكرناه فيما تقدم.
قوله: (إنا لله) إلى آخره، أي عبيده، كما تقول: هذا الشئ لزيد، أي يملكه.
ثم عقب الاعتراف بالملكية بالاقرار بالرجعة والبعث، وهذه الكلمة تقال عند المصيبة، كما أدب الله تعالى خلقه وعباده.
والوديعة والرهينة، عبارة عن فاطمة، ومن هذا الموضع أخذ ابن ثوابة الكاتب قوله عن قطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طولون، لما حملت من مصر إلى المعتضد أحمد بن