واليرابيع ولبس الصوف والكرابيس (1)، وأكل اللوزينجات والفالوذجات ولبس الحرير والديباج، فاستدلوا بما فتحه الله عليهم وأتاحه لهم على صحة الدعوة، وصدق الرسالة، وقد كان صلى الله عليه وآله وعدهم بأنه سيفتح عليهم كنوز كسرى وقيصر، فلما وجدوا الامر قد وقع بموجب ما قاله عظموه وبجلوه، وانقلبت تلك الشكوك وذاك النفاق وذلك الاستهزاء إيمانا ويقينا وإخلاصا، وطاب لهم العيش، وتمسكوا بالدين، لأنه زادهم طريقا إلى نيل الدنيا، فعظموا ناموسه، وبالغوا في إجلاله وإجلال الرسول الذي جاء به، ثم انقرض الأسلاف وجاء الاخلاف على عقيدة ممهدة، وأمر أخذوه تقليدا من أسلافهم الذين ربوا في حجورهم، ثم انقرض ذلك القرن، وجاء من بعدهم كذلك وهلم جرا.
قال: ولولا الفتوح والنصر والظفر الذي منحهم الله تعالى إياه، والدولة التي ساقها إليهم، لانقرض دين الاسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان يذكر في التواريخ، كما تذكر الان نبوة خالد بن سنان العبسي، حيث ظهر ودعا إلى الدين.
وكان الناس يعجبون من ذلك ويتذاكرونه كما يعجبون ويتذاكرون أخبار من نبغ من الرؤساء والملوك والدعاة الذين انقرض أمرهم، وبقيت أخبارهم.
وكان يقول: من تأمل حال الرجلين وجدهما متشابهتين في جميع أمورهما أو في أكثرها، وذلك لان حرب رسول الله صلى الله عليه وآله مع المشركين كانت سجالا، انتصر يوم بدر، وانتصر المشركون عليه يوم أحد، وكان يوم الخندق كفافا خرج هو وهم سواء، لا عليه ولا له، لأنهم قتلوا رئيس الأوس وهو سعد بن معاذ، وقتل منهم فارس قريش وهو عمرو بن عبد ود، وانصرفوا عنه بغير حرب بعد تلك الساعة التي كانت، ثم حارب بعدها قريشا يوم الفتح، فكان الظفر له.
وهكذا كانت حروب علي عليه السلام، انتصر يوم الجمل، وخرج الامر بينه وبين