دابر الكافرين) (١). قال المفسرون: الطائفتان: العير ذات اللطيمة الواصلة إلى مكة من الشام صحبة أبي سفيان بن حرب، وإليها كان خروج المسلمين، والأخرى الجيش ذو الشوكة، وكان عليه السلام قد وعدهم بإحدى الطائفتين، فكرهوا الحرب، وأحبوا الغنيمة.
قال: وهم الذين فروا عنه صلى الله عليه وآله يوم أحد، وأسلموه واصعدوا في الجبل، وتركوه حتى شج الأعداء وجهه، وكسروا ثنيته، وضربوه على بيضته، حتى دخل جماجمه، ووقع من فرسه إلى الأرض بين القتلى، وهو يستصرخ بهم، ويدعوهم فلا يجيبه أحد منهم إلا من كان جاريا مجرى نفسه، وشديد الاختصاص به، وذلك قوله تعالى: ﴿إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم﴾ (2) أي ينادى فيسمع نداءه آخر الهاربين لا أولهم، لان أولهم أو غلوا في الفرار، وبعدوا عن أن يسمعوا صوته، وكان قصارى الامر أن يبلغ صوته واستصراخه من كان على ساقة الهاربين منهم.
قال: ومنهم الذين عصوا أمره في ذلك اليوم، حيث أقامهم على الشعب في الجبل، وهو الموضع الذي خاف أن تكر عليه منه خيل العدو من ورائه، وهم أصحاب عبد الله ابن جبير، فإنهم خالفوا أمره وعصوه فيما تقدم به إليهم، ورغبوا في الغنيمة، ففارقوا مركزهم: حتى دخل الوهن على الاسلام بطريقهم، لان خالد بن الوليد كر في عصابة من الخيل، فدخل من الشعب الذي كانوا يحرسونه، فما أحس المسلمون بهم إلا وقد غشوهم بالسيوف من خلفهم، فكانت الهزيمة، وذلك قوله تعالى: (حتى إذا فشلتم