كان الحسن بن صالح إذا جاءه سائل، فإن كان عنده ذهب أو فضة أو طعام أعطاه، فإن لم يكن، أعطاه زيتا أو سمنا أو نحوهما مما ينتفع به، فإن لم يكن، أعطاه كحلا، أو خرج بإبرة وخيط وخاط (١) بها ثوب السائل، أو بخرقة يرقع بها ما تخرق من ثوبه.
ووقف مرة على بابه سائل ليلا، ولم يكن عنده ما يدفعه إليه، فخرج إليه بقصبة في رأسها شعلة، وقال: خذ هذه وتبلغ بها إلى أبواب ناس لعلهم يعطونك.
قوله عليه السلام: (ثم أداء الأمانة) هي العقد الذي يلزم الوفاء به، وأصح ما قيل في تفسير الآية أن الأمانة ثقيلة المحمل، لان حاملها معرض لخطر عظيم، فهي بالغة من الثقل وصعوبة المحمل ما لو أنها عرضت على السماوات والأرض والجبال لامتنعت من حملها، فأما الانسان فإنه حملها وألزم القيام بها. وليس المراد بقولنا: إنها عرضت على السماوات والأرض أي لو عرضت عليها وهي جمادات، بل المراد تعظيم شأن الأمانة، كما تقول: هذا الكلام لا يحمله الجبال، وقوله:
امتلأ الحوض وقال قطني ، وقوله تعالى: ﴿قالتا أتينا طائعين﴾ (2). ومذهب العرب في هذا الباب وتوسعها ومجازاتها مشهور شائع.