غنى، فاستشفوه أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإن فيه شفاء من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق، والغي والضلال، فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، إنه ما توجه العباد إلى الله تعالى بمثله.
واعلموا أنه شافع مشفع، وقائل مصدق، وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنه ينادى مناد يوم القيامة: ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله، غير حرثة القرآن.
فكونوا من حرثته وأتباعه، واستدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم.
الشرح:
غشه يغشه، بالضم، غشا، خلاف نصحه. واللأواء: الشدة.
وشفع له القرآن شفاعة، بالفتح، وهو مما (1) يغلط فيه العامة فيكسرونه، وكذلك شفعت كذا بكذا، أتبعته، مفتوح أيضا.
ومحل به إلى السلطان، قال عنه ما يضره، كأنه جعل القرآن يمحل يوم القيامة عند الله بقوم، أي يقول عنهم شرا، ويشفع عند الله لقوم، أي يثنى عليهم خيرا.
والحارث: المكتسب، والحرث: الكسب، وحرثة القرآن: المتاجرون به الله.
واستنصحوه على أنفسكم، أي إذا أشار عليكم بأمر وأشارت عليكم أنفسكم بأمر يخالفه.