يا أبا الأخطل، من هذا الغلام معك؟ قال: ابني وهو شاعر، قال: علمه القرآن فهو خير له من الشعر، فكان ذلك في نفس الفرزدق، حتى قيد نفسه، وآلى ألا يحل قيده حتى يحفظ القرآن، فما حله حتى حفظه، وذلك قوله:
وما صب رجلي في حديد مجاشع * مع القد إلا حاجة لي أريدها (1).
قلت: تحت قوله عليه السلام: (يا أبا الأخطل) قبل أن يعلم أن ذلك الغلام ولده وأنه شاعر، سر غامض، ويكاد يكون إخبارا عن غيب، فليلمح.
الفضيل بن عياض: بلغني أن صاحب القرآن إذا وقف على معصية، خرج القرآن من جوفه، فاعتزل ناحية وقال: ألهذا حملتني!
قلت: وهذا القول على سبيل المثل والتخويف من مواقعة المعاصي لمن يحفظ القرآن.
أنس، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا بن أم سليم، لا تغفل عن قراءة القرآن صباحا ومساء، فإن القرآن يحيى القلب الميت، وينهى عن الفحشاء والمنكر).
كان سفيان الثوري إذا دخل شهر رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن من المصحف.
كعب الأحبار: قال الله تعالى لموسى عليه السلام: مثل كتاب محمد في الكتب مثل سقاء فيه لبن، كلما مخضته استخرجت منه زبدا.
أسلم الخواص: كنت أقرأ القرآن، فلا أجد له حلاوة، فقلت لنفسي: يا أسلم، اقرأ القرآن كأنك تسمعه من رسول الله صلى الله عليه، فجاءت حلاوة قليلة، فقلت:
أقرأه كأنك تسمعه من جبرئيل عليه السلام، فازدادت الحلاوة، فقلت: أقرأه كأنك تسمعه من الله عز وجل حين تكلم به، فجاءت الحلاوة كلها.