وهذا كقول المسيح عليه السلام: (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) (1).
قال: إلا أنى أخاف أن تكفروا في برسول الله صلى الله عليه وسلم، أي أخاف عليكم الغلو في أمري، وأن تفضلوني على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل أخاف عليكم أن تدعوا في الإلهية، كما ادعت النصارى ذلك في المسيح لما أخبرهم بالأمور الغائبة.
ثم قال: (ألا وإني مفضيه إلى الخاصة) أي مفض به ومودع إياه خواص أصحابي وثقاتي الذين آمن منهم الغلو، وأعلم أنهم لا يكفرون في بالرسول صلى الله عليه وسلم لعلمهم أن ذلك من إعلام نبوته، إذ يكون تابع من أتباعه، وصاحب من أصحابه بلغ إلى هذه المنزلة الجليلة.
ثم أقسم قسما ثانيا أنه ما ينطق إلا صادقا، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله عهد بذلك كله إليه، وأخبره بمهلك من يهلك من الصحابة وغيرهم من الناس، وبنجاة (2) من ينجو، وبمال هذا الامر - يعنى ما يفضي إليه أمر الاسلام وأمر الدولة والخلافة - وأنه ما ترك شيئا يمر على رأسه عليه السلام إلا وأخبره به وأسره إليه.
(فصل في ذكر بعض أقوال الغلاة في علي) واعلم أنه غير مستحيل أن تكون بعض الأنفس مختصة بخاصية تدرك بها المغيبات، وقد تقدم من الكلام في ذلك ما فيه كفاية، ولكن لا يمكن أن تكون نفس تدرك كل المغيبات لان القوة المتناهية لا تحيط بأمور غير متناهية، وكل قوة في نفس حادثة فهي متناهية، فوجب أن يحمل كلام أمير المؤمنين عليه السلام، لا على أن يريد به عموم العالمية