ثم قال: والتاركون: أي يتركون الواجبات.
ثم قابل ذلك بقوله: (والمأخوذ منهم لان الاخذ في مقابلة الترك، ومعنى الاخذ منهم انتقاص أعمارهم، وانتقاض قواهم، واستلاب أحبابهم وأموالهم.
ثم شبههم بالنعم التي تتبع نعما أخرى.
سائمة أي راعية، وإنما قال ذلك لأنها إذا اتبعت أمثالها كان أبلغ في ضرب المثل بجهلها من الإبل التي يسيمها راعيها. والمرعى الوبي: ذو الوباء والمرض. والمشرب الدوي ذو الداء، وأصل (الوبي) اللين الوبئ المهموز، ولكنه لينه، يقال: أرض وبيئة على (فعيلة)، ووبئة على (فعلة)، ويجوز أوبأت فهي موبئة.
والأصل في الدوي (دو) بالتخفيف، ولكنه شدده للازدواج.
ثم ذكر أن هذه النعم الجاهلة التي أوقعت أنفسها في هذا المرتع والمشرب المذمومين كالغنم وغيرها من النعم المعلوفة.
للمدي: جمع مدية، وهي السكين، لا تعرف ماذا يراد بها، وتظن أن ذلك العلف إحسان إليها على الحقيقة.
ومعنى قوله: (تحسب يومها دهرها)، أي تظن أن ذلك العلف والاطعام كما هو حاصل لها ذلك اليوم، يكون حاصلا لها أبدا.
و (شبعها أمرها)، مثل ذلك، أي تظن أنه ليس أمرها وشأنها إلا أن يطعمها أربابها لتشبع وتحسن وتسمن، ليس يريدون بها غير ذلك.
ثم خرج عليه السلام من هذا الفن إلى فن آخر، فأقسم أنه لو شاء أن يخبر كل واحد منهم من أين خرج، وكيفية خروجه من منزله، وأين يلج، وكيفية ولوجه، وجميع شأنه من مطعمه ومشربه، وما عزم عليه من أفعاله، وما أكله، وما ادخره في بيته، وغير ذلك من شؤونه وأحواله، لفعل.