وروى الطبري في التاريخ أن عثمان لما حصر، كان علي (ع) بخيبر في أمواله، فلما قدم أرسل إليه يدعوه، فلما دخل عليه قال له: إن لي عليك حقوقا: حق الاسلام، وحق النسب، وحق مالي عليك من العهد والميثاق، ووالله أن لو لم يكن من هذا كله شئ وكنا في جاهلية، لكان عارا على بني عبد مناف أن يبتزهم أخو تيم ملكهم - يعني طلحة - فقال له (ع) سيأتيك الخبر، ثم قام فدخل المسجد، فرأى أسامة بن زيد جالسا، فدعاه فاعتمد على يده، وخرج يمشي إلى طلحة، فدخل داره، وهي دحاس (1) من الناس، فقام (ع)، فقال: يا طلحة، ما هذا الامر الذي وقعت فيه؟
فقال: يا أبا الحسن، أبعد ما مس الحزام الطبيين! فانصرف علي عليه السلام ولم يحر إليه شيئا حتى أتى بيت المال، فنادى: افتحوا هذا الباب، فلم يقدروا على فتحه، فقال:
اكسروه، فكسر فقال: أخرجوا هذا المال، فجعلوا يخرجونه وهو يعطي الناس، وبلغ الذين في دار طلحة ما صنع علي عليه السلام، فجعلوا يتسللون إليه حتى بقي طلحة وحده، وبلغ الخبر عثمان، فسر بذلك، ثم أقبل طلحة يمشي عامدا إلى دار عثمان، فاستأذن عليه، فلما دخل قال: يا أمير المؤمنين، أستغفر الله وأتوب إليه، لقد رمت أمرا حال الله بيني وبينه. فقال عثمان: إنك والله ما جئت تائبا، ولكن جئت مغلوبا، الله حسيبك يا طلحة (2).
ثم قسم عليه السلام مال طلحة، فقال: لا يخلو إما أن يكون معتقدا حل دم عثمان أو حرمته، أو يكون شاكا في الامرين، فإن كان يعتقد حله لم يجز له أن ينقض البيعة لنصرة إنسان حلال الدم، وإن كان يعتقد حرمته، فقد كان يجب عليه أن ينهنه عنه الناس، أي يكفهم.