شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٠ - الصفحة ١٢٠
ثم ذكر أن الملائكة موكلة بالمكلف، وهذا هو نص الكتاب العزيز، وقد تقدم القول في ذلك.
ثم انتقل إلى ذكر الجنة، والكلام يدل على أنها في السماء، وأن العرش فوقها.
ومعنى قوله: (اصطنعها لنفسه) إعظامها وإجلالها، كما قال لموسى: ﴿واصطنعتك لنفسي﴾ (١)، ولأنه لما تعارف الناس في تعظيم ما يصنعونه، أن يقول الواحد منهم لصاحبه:
قد وهبتك هذه الدار التي اصطنعتها لنفسي، أي أحكمتها، ولم أكن في بنائها متكلفا بأن أبنيها لغيري، صح وحسن من البليغ الفصيح أن يستعير مثل ذلك فيما لم يصطنعه في الحقيقة لنفسه، وإنما هو عظيم جليل عنده.
قوله: (ونورها بهجته)، هذا أيضا مستعار، كأنه لما كان إشراق نورها عظيما جدا نسبه إلى بهجة الباري، وليس هناك بهجة على الحقيقة، لان البهجة حسن الخلقة، قال تعالى:
﴿وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج﴾ (٢)، أي من كل صنف حسن.
قوله: (وزوارها ملائكته) قد ورد في هذا من الاخبار كثير جدا، ورفقاؤها: رسله، من قوله تعالى: ﴿وحسن أولئك رفيقا﴾ (٣).
ويوشك، بكسر الشين، فعل مستقبل، ماضيه (أوشك)، أي أسرع.
ورهقه الامر، بالكسر: فاجأه.
ويسد عنهم باب التوبة، لأنه لا تقبل عند نزول الموت بالانسان من حيث كان يفعلها خوفا فقط، لا لقبح القبيح، قال تعالى: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الان﴾ (4).

(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست