لان النطق حركة الأداة بالكلام، والكلام يستحيل أن يكون ذا أداة ينطق بالكلام بها، وهو من حيث يتضمن الاخبار والامر والنهى والنداء وغير ذلك من أقسام الكلام، كالناطق، لان الفهم يقع عنده، وهذا من باب المجاز كما تقول: هذه الربوع الناطقة، وأخبرتني الديار بعد رحيلهم بكذا.
ثم وصفه بأنه حجة الله على خلقه، لأنه المعجزة الأصلية.
أخذ سبحانه على الخلائق ميثاقه، وارتهن عليه أنفسهم، لما كان سبحانه قد قرر في عقول المكلفين أدلة التوحيد والعدل، ومن جملة مسائل العدل النبوة، ويثبت نبوة محمد صلى الله عليه وآله عقلا، كان سبحانه بذلك كالآخذ ميثاق المكلفين بتصديق دعوته، وقبول القرآن الذي جاء، وجعل به نفسهم رهنا على الوفاء بذلك، فمن خالف خسر نفسه، وهلك هلاك الأبد.
هذا تفسير المحققين، ومن الناس من يقول: المراد بذلك قصة الذرية قبل خلق آدم عليه السلام، كما ورد في الاخبار، وكما فسر قوم عليه الآية.
ثم ذكر عليه السلام أن الله تعالى قبض رسوله صلى الله عليه وآله، وقد فرغ إلى الخلق بالقرآن من الاكمال والاتمام، كقوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي﴾ (1)، وإذا كان قد أكمله لم يبق فيه نقص ينتظر إتمامه.
قال: فعظموا من الله ما عظم من نفسه، لأنه سبحانه وصف نفسه بالعظمة والجلال في أكثر القرآن، فالواجب علينا أن نعظمه على حسب ما عظم نفسه سبحانه.
ثم علل وجوب تعظيمه، وحسن أمره لنا بتعظيمه سبحانه بكونه لم يخف عنا شيئا من أمر ديننا، وذلك لان الشرعيات مصالح المكلفين، وإذا فعل الحكيم سبحانه بنا