قال: (وإنما تسيرون في أثر بين)، أي أن الأدلة واضحة، وليس مراده الامر بالتقليد، وكذلك قوله: (وتتكلمون برجع قول قد قاله الرجال من قبلكم)، يعنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، قد قالها الموحدون من قبل هذه الملة، لا تقليدا، بل بالنظر والدليل، فقولوها أنتم كذلك!.
ثم ذكر أنه سبحانه قد كفى الخلق مؤونة دنياهم، قال الحسن البصري: إن الله تعالى كفانا مؤونة دنيانا، وحثنا على القيام بوظائف ديننا، فليته كفانا مؤونة ديننا، وحثنا على القيام بوظائف دنيانا.
قوله: (وافترض من ألسنتكم الذكر)، افترض عليكم أن تذكروه وتشكروه بألسنتكم، و (من) متعلقة بمحذوف دل عليه المصدر المتأخر، تقديره: (وافترض عليكم الذكر من ألسنتكم الذكر).
ثم ذكر أن التقوى المفترضة هي رضا الله وحاجته من خلقه، لفظة (حاجته) مجاز، لان الله تعالى غنى غير محتاج، ولكنه لما بالغ في الحث والحض عليها، وتوعد على تركها جعله كالمحتاج إلى الشئ، ووجه المشاركة أن المحتاج يحث ويحض على حاجته وكذلك الامر المكلف إذا أكد الامر.
قوله: (أنتم بعينه)، أي يعلم أحوالكم، ونواصيكم بيده، الناصية: مقدم شعر الرأس، أي هو قادر عليكم قاهر لكم، متمكن من التصرف فيكم، كالانسان القابض على ناصية غيره.
وتقلبكم في قبضته، أي تصرفكم تحت حكمه، لو شاء أن يمنعكم منعكم، فهو كالشئ في قبضة الانسان، إن شاء استدام القبض عليه، وإن شاء تركه.
ثم قال: إن أسررتم أمرا علمه، وأن أظهرتموه كتبه، ليس على أن الكتابة غير العلم، بل هما شئ واحد، ولكن اللفظ مختلف.