ورأوه بالعين الصحيحة، لعلموا أنه لو كان وحده، وحاربه الناس كلهم أجمعون، لكان على الحق، وكانوا على الباطل.
ثم قال عليه السلام: (وأين نظراؤهم من إخوانهم)! يعنى الذين قتلوا بصفين معه من الصحابة، كابن بديل، وهاشم بن عتبة، وغيرهما ممن ذكرناه في أخبار صفين.
وتعاقدوا على المنية: جعلوا بينهم عقدا، وروى (تعاهدوا).
وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة: حملت رؤوسهم مع البريد إلى الفسقة للبشارة بها، والفجرة هاهنا: أمراء عسكر الشام، تقول: قد أبردت إلى الأمير، فأنا مبرد، والرسول بريد، ويقال للفرانق (1) البريد، لأنه ينذر قدام الأسد.
قوله: (أوه على إخواني)، ساكنة الواو مكسورة الهاء، كلمة شكوى وتوجع، وقال الشاعر:
فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها * ومن بعد أرض دونها وسماء. (2) وربما قلبوا الواو ألفا، فقالوا: آه من كذا، آه على كذا، وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء، فقالوا: أوه من كذا، وربما حذفوا الهاء مع التشديد، وكسروا الواو، فقالوا: أو من كذا بلا مد، وقد يقولون: آوه، بالمد والتشديد وفتح الألف وسكون الهاء، لتطويل الصوت بالشكاية، وربما أدخلوا فيه الياء تارة يمدونه، وتارة لا يمدونه، فيقولون: (أوياه) و (آوياه) وقد أوه الرجل تأويها، وتأوه تأوها، إذا قال (أوه)، الاسم منه (الآهة) بالمد، قال المثقب العبدي:
إذا ما قمت أرحلها بليل * تأوه آهة الرجل الحزين (3).