وقال: أتريدون إماما غيري يوقفكم على الطريق التي تطلبونها حتى تطئوها وتسلكوها.!
ثم ذكر أنه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلا، وهو الهدى والرشاد، فإنه كان في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وخلفائه مقبلا، ثم أدبر عند استيلاء معاوية وأتباعه، وأقبل منها ما كان مدبرا، وهو الضلال والفساد، ومعاوية عند أصحابنا مطعون في دينه، منسوب إلى الالحاد، قد طعن فيه صلى الله عليه وآله، وروى فيه شيخنا أبو عبد الله البصري في كتاب (نقض السفيانية) على الجاحظ، وروى عنه أخبارا كثيرة تدل على ذلك، وقد ذكرناها في كتابنا في (مناقضة السفيانية).
وروى أحمد بن أبي طاهر في كتاب (أخبار الملوك) أن معاوية سمع المؤذن يقول (أشهد أن لا إله إلا الله)، فقالها ثلاثا، فقال: أشهد أن محمدا رسول الله! فقال: لله أبوك يا بن عبد الله! لقد كنت عالي الهمة، ما رضيت لنفسك إلا أن يقرن اسمك باسم رب العالمين!.
قوله عليه السلام: (وأزمع الترحال) أي ثبت عزمهم عليه، يقال: أزمعت الامر، ولا يقال: أزمعت على الامر، هكذا يقول الكسائي، وأجازه الخليل والفراء.
ثم قال عليه السلام: إنه لم يضر إخواننا القتلى بصفين كونهم اليوم ليسوا بأحياء حياتنا المشوبة بالنغص والغصص.
ويقال: ماء رنق، بالتسكين، أي كدر، رنق الماء بالكسر، يرنق رنقا فهو رنق، وأرنقته، أي كدرته، وعيش رنق بالكسر، أي كدر.
ثم أقسم أنهم لقوا الله فوفاهم أجورهم، وهذا يدل على ما يذهب إليه جمهور أصحابنا من نعيم القبر وعذابه.
ثم قال عليه السلام: (أين إخواني)؟ ثم عددهم، فقال: (أين عمار).