عليه، وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله، فصلى عليه، ثم قال: أما بعد، فهذا صريخ (1) محمد بن أبي بكر وإخوانكم من أهل مصر، قد سار إليهم ابن النابغة عدو الله وعدو من والاه، وولى من عادى الله، فلا يكونن أهل الضلال إلى باطلهم، والركون إلى سبيل الطاغوت أشد اجتماعا على باطلهم وضلالتهم منكم على حقكم. فكأنكم بهم وقد بدأوكم وإخوانكم بالغزو، فاعجلوا إليهم بالمواساة والنصر عباد الله، إن مصر أعظم من الشام وخير أهلا، فلا تغلبوا على مصر، فإن بقاء مصر في أيديكم عز لكم، وكبت لعدوكم، اخرجوا إلى الجرعة - قال: والجرعة (2) بين الحيرة والكوفة - لنتوافى هناك كلنا غدا إن شاء الله.
قال: فلما كان الغد، خرج يمشى، فنزلها بكرة، فأقام بها حتى انتصف النهار، فلم يوافه مائة رجل، فرجع. فلما كان العشى بعث إلى الاشراف فجمعهم، فدخلوا عليه القصر، وهو كئيب حزين، فقال: الحمد لله على ما قضى من أمر، وقدر من فعل، وابتلاني بكم أيها الفرقة التي لا تطيع إذا أمرتها، ولا تجيب إذا دعوتها. لا أبا لغيركم!
ماذا تنتظرون بنصركم، والجهاد على حقكم! الموت خير من الذل في هذه الدنيا لغير الحق، والله إن جاءني الموت - وليأتيني - لتجدنني لصحبتكم جد قال.
ألا دين يجمعكم! ألا حمية تغضبكم! ألا تسمعون بعدوكم ينتقص بلادكم ويشن الغارة عليكم! أوليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام الظلمة فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة، ويجيبونه في السنة المرة والمرتين والثلاث، إلى أي وجه شاء، ثم أنا أدعوكم - وأنتم أولوا النهى وبقية الناس - تختلفون وتفترقون عنى، وتعصونني وتخالفون على!