اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا، فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمه الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين.
* * * الشرح:
تقول: ائتم فلان بفلان، أي جعله إماما واقتدى به. فكل علمه، من وكله إلى كذا وكلا ووكولا، وهذا الامر موكول إلى رأيك. والاقتحام: (الهجوم والدخول مغالبة.
والسدد المضروبة: جمع سدة، وهي الرتاج.
واعلم أن هذا الفصل يمكن أن تتعلق به الحشوية المانعون من تأويل الآيات الواردة في الصفات، القائلين بالجمود على الظواهر، ويمكن أيضا أن يتعلق به من نفى النظر وحرمه أصلا، ونحن قبل أن نحققه ونتكلم فيه نبدأ بتفسير قوله تعالى: ﴿وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم﴾ (1) فنقول:
إن من الناس من وقف على قوله: (إلا الله)، ومنهم من لم يقف على ذلك، وهذا القول أقوى من الأول، لأنه إذا كان لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله لم يكن في إنزاله ومخاطبة المكلفين به فائدة، بل يكون كخطاب العربي بالزنجية ومعلوم أن ذلك عيب قبيح.
فإن قلت: فما الذي يكون موضع (يقولون) من الاعراب؟
قلت: يمكن أن يكون نصبا على أنه حال من الراسخين، ويمكن أن يكون كلاما مستأنفا، أي هؤلاء العالمون بالتأويل، يقولون آمنا به.