الأصل:
ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال، وضحكت عنه أصداف البحار، من فلز اللجين والعقيان، ونثارة الدر وحصيد المرجان، ما أثر ذلك في جوده، ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الانعام، مالا تنفده مطالب الأنام، لأنه الجواد الذي لا يغيضه (1) سؤال السائلين، ولا يبخله إلحاح الملحين.
* * * الشرح:
هذا الكلام من تتمة الكلام الأول، وهو قوله: (لا يفره المنع، ولا يكديه الاعطاء والجود). وتنفست عنه المعادن: استعارة، كأنها لما أخرجته وولدته كانت كالحيوان يتنفس فيخرج من صدره ورئته الهواء.
وضحكت عنه الأصداف، أي تفتحت عنه، وانشقت، يقال: للطلع حين ينشق الضحك، بفتح الضاد، وإنما سمى الضاحك ضاحكا، لأنه يفتح فاه. والفلز: اسم أجسام الذائبة كالذهب والفضة والرصاص ونحوها. واللجين: اسم الفضة جاء مصغرا، كالكميت والثريا. والعقيان: الذهب الخالص، ويقال: هو ما ينبت نباتا وليس مما يحصل من الحجارة.
ونثارة الدر: ما تناثر منه، كالسقاطة والنخالة، وتأتي (فعاله) تارة للجيد المختار، وتارة للساقط المتروك، فالأول نحو الخلاصة، والثاني نحو القلامة.
وحصيد المرجان: كأنه أراد المتبدد منه كما يتبدد الحب المحصود، ويجوز أن يعنى به الصلب المحكم من قولهم: (شئ مستحصد)، أي مستحصف مستحكم، يعنى أنه ليس برخو ولا هش، ويروى: (وحصباء المرجان)، والحصباء: الحصى. وأرض حصبة ومحصبة، بالفتح