زياد، وقد قارب أصحابه الأربعين، فحط ذلك المال، وأخذ منه عطاءه وعطاء أصحابه، ورد الباقي على الرسل، وقال: قولوا لصاحبكم: إنا قبضنا أعطياتنا، فقال بعض أصحابه:
علا م ندع الباقي؟ فقال: إنهم يقيمون هذا الفئ، كما يقيمون الصلاة فلا نقاتلهم على الصلاة.
قال أبو العباس: ولأبي بلال مرداس في الخروج أشعار، اخترت منها قوله:
أبعد ابن وهب ذي النزاهة والتقى * ومن خاض في تلك الحروب المهالكا (1) أحب بقاء أو وأرجى سلامة * وقد قتلوا زيد بن حصن ومالكا فيا رب سلم نيتي وبصيرتي * وهب لي التقى حتى ألاقي أولائكا قال أبو العباس: ثم إن عبيد الله بن زياد، ندب جيشا إلى خراسان، فحكى بعض من كان في ذلك الجيش، قال: مررنا بآسك، فإذا نحن بهم ستة وثلاثين رجلا، فصاح بنا أبو بلال: أقاصدون لقتالنا أنتم؟ قال: وكنت أنا وأخي قد دخلنا زربا (2) فوقف أخي ببابه، فقال: السلام عليكم، فقال مرداس: وعليكم السلام، ثم قال لأخي: أجئتم لقتالنا؟
قال: لا إنما نريد خراسان، قال: فأبلغوا من لقيتم أنا لم نخرج لنفسد في الأرض، ولا لنروع أحدا، ولكن هربا من الظلم. ولسنا نقاتل إلا من يقاتلنا، ولا نأخذ من الفئ إلا أعطياتنا، ثم قال: أندب لنا (3) أحد؟ قلنا: نعم، أسلم بن زرعة الكلابي، قال: فمتى ترونه يصل إلينا؟ قلنا: يوم كذا وكذا، فقال أبو بلال: حسبنا الله ونعم الوكيل.
قال أبو العباس: وجهز عبيد الله بن زياد أسلم بن زرعة في أسرع مدة ووجهه إليهم