فأبلغونا مأمننا فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قالوا: ذاك لكم، فساروا معهم بجمعهم، حتى أبلغوهم المأمن (1).
وقال أبو العباس: أتى (2) عبد الملك بن مروان برجل من الخوارج، فبحثه فرأى منه ما شاء (3) فهما وعلما، ثم بحثه (4 فرأى منه ما شاء أدبا وذهنا 4)، فرغب فيه، فاستدعاه إلى الرجوع عن مذهبه، فرآه مستبصرا محققا، فزاده في الاستدعاء، فقال: تغنيك الأولى عن الثانية، وقد قلت وسمعت، فاسمع أقل، قال: قل، فجعل يبسط من قول الخوارج ويزين له من مذهبهم بلسان طلق، وألفاظ بينة، ومعان قريبة. فقال عبد الملك بعد ذلك على معرفته (5) وفضله: لقد كاد يوقع في خاطري أن الجنة إنما خلقت لهم، وإني أولى العباد بالجهاد معهم، ثم رجعت إلى ما ثبت الله على من الحجة، وقرر في قلبي من الحق، فقلت [له] (6): الدنيا والآخرة، لله وقد سلطنا الله في الدنيا، ومكن لنا فيها، وأراك لست تجيبنا إلى ما نقول، والله لأقتلنك إن لم تطع. فأنا في ذلك، إذ دخل على بابني مروان.
قال أبو العباس: وكان مروان أخا يزيد بن عبد الملك لامه، [أمهما] (7) عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وكان أبيا عزيز النفس، فدخل به على أبيه في هذا الوقت باكيا