قال أبو العباس: ومن الخوارج من مشى في الرمح وهو في صدره خارجا من ظهره، حتى خالط طاعنه فضربه بالسيف فقتله، وهو يقول: ﴿وعجلت إليك رب لترضى﴾ (1) ومنهم الذي سأل عليا عليه السلام يوم النهروان المبارزة في قوله:
أطعنهم ولا أرى عليا * ولو بدا أوجرته الخطيا (2) فخرج إليه على فضربه بالسيف فقتله، فلما خالطه السيف قال: (يا حبذا الروحة إلى الجنة) (3).
ومنهم ابن ملجم، وقطع الحسن بن علي يديه ورجليه وهو في ذلك يذكر الله، ثم عمد إلى لسانه فقطعه فجزع، فقيل له في ذلك قال: أحببت ألا يزال لساني رطبا من ذكر الله.
ومنهم القوم الذين وثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه، فلفظها تورعا.
ومنهم أبو بلال مرداس، الذي ينتحله من الفرق لتقشفه وتصرمه وصحة عبادته، وصلابة نيته.
أما المعتزلة فتنتحله وتقول: إنه خرج منكرا لجور السلطان، داعيا إلى الحق، وإنه من أهل العدل، ويحتجون لذلك بقوله لزياد، وقد كان قال في خطبته على المنبر: والله لآخذن المحسن بالمسئ، والحاضر بالغائب، والصحيح بالسقيم، فقام إليه مرداس، فقال:
قد سمعنا ما قلت أيها الانسان، وما هكذا قال الله تعالى لنبيه إبراهيم، إذ يقول: