شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٨٩
قال أبو العباس: فأما ما كان من مرداس، فإن عبيد الله بن زياد ندب إليه الناس، فاختار عباد بن أخضر المازني - وليس بابن أخضر، بل هو عباد بن علقمة المازني وكان أخضر زوج أمه، وغلب عليه - فوجهه إلى مرداس وأصحابه في أربعة آلاف فارس، وكانت الخوارج قد تنحت من موضعها، إلى دار أبجرد من أرض فارس، فصار إليهم عباد، فكان التقاؤهم في يوم جمعة، فناداه أبو بلال: اخرج إلى يا عباد، فإني أريد أن أحاورك، فخرج إليه، فقال: ما الذي تبغى؟ قال: أن آخذ بأقفيتكم فأردكم إلى الأمير عبيد الله بن زياد، قال: أو غير ذلك، أن نرجع، فإنا لا نخيف سبيلا، ولا نذعر مسلما، ولا نحارب إلا من يحاربنا، ولا نجبي إلا ما حمينا، فقال عباد: الامر ما قلت لك، فقال له حريث بن حجل: أتحاول أن ترد فئة من المسلمين إلى جبار عنيد ضال! فقال لهم: أنتم أولى بالضلال منه، وما من ذاك من بد.
قال: وقدم القعقاع بن عطية الباهلي من خراسان، يريد الحج، فلما رأى الجمعين قال:
ما هذا؟ قالوا: الشراة، فحمل عليهم ونشبت الحرب بينهم، فأخذت الخوارج القعقاع أسيرا، فأتوا به أبا بلال، فقال له: من أنت؟ قال: ما أنا من أعدائك، إنما قدمت للحج، فحملت وغررت، فأطلقه، فرجع إلى عباد وأصلح من شأنه، وحمل على الخوارج ثانية، وهو يقول:
أقاتلهم وليس على بعث * نشاطا ليس هذا بالنشاط أكر على الحروريين مهري * لأحملهم على وضح الصراط فحمل عليه حريث بن حجل السدوسي، وكهمس بن طلق الصريمي، فأسراه وقتلاه ولم يأتيا به أبا بلال. ولم يزل القوم يجتلدون حتى جاء وقت صلاة الجمعة، فناداهم أبو بلال:
يا قوم هذا وقت الصلاة، فوادعونا حتى نصلى وتصلوا، قالوا: لك ذاك، فرمى القوم أجمعون
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175