بأسلحتهم، وعمدوا للصلاة، فأسرع عباد ومن معه وقضوا صلاتهم، والحرورية مبطئون، فيهم ما بين راكع وساجد وقائم في الصلاة وقاعد، حتى مال عليهم عباد ومن معه، فقتلوهم جميعا، وأتى برأس أبى بلال.
قال: ويرى الشراة أن مرداسا أبا بلال لما عقد على أصحابه، وعزم على الخروج رفع يديه، فقال: اللهم إن كان ما نحن فيه حقا فأرنا آية، فرجف البيت.
وقال آخرون: فارتفع السقف.
ويقال: إن رجلا من الخوارج ذكر ذلك لأبي العالية الرياحي، يعجبه من الآية، ويرغبه في مذهب القوم، فقال أبو العالية: كاد الخسف ينزل بهم، ثم أدركتهم نظرة من الله.
قال: فلما فرغ عباد من الجماعة أقبل بهم فصلب رؤوسهم، وفيهم داود بن شبيب، وكان ناسكا، وفيهم حبيبة البكري من عبد القيس، وكان مجتهدا، ويروى عنه أنه قال: لما عزمت على الخروج فكرت في بناتي، فقلت ذات ليلة: لأمسكن عن نفقتهن حتى أنظر، فلما كان في جوف الليل استسقت بنية لي، فقالت: يا أبت اسقني، فلم أجبها، وأعادت، فقامت أخت لها فسقتها، فعلمت أن الله عز وجل غير مضيعهن، فأتممت عزمي.
وكان في القوم كهمس، وكان من أبر الناس بأمه، فقال لها: يا أمه، لولا مكانك لخرجت، فقالت: يا بنى، وهبتك لله.
ففي مقتلهم يقول عيسى بن فاتك الخطى:
ألا في الله لا في الناس سالت * بداود وإخوته الجذوع مضوا قتلا وتمزيقا وصلبا * تحوم عليهم طير وقوع إذا ما الليل أظلم كابدوه * فيسفر عنهم وهم ركوع أطار الخوف نومهم فقاموا * وأهل الأرض في الدنيا هجوع