شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٢٨
ابن الخطاب في أربعة آلاف من قراء أهل الشام، وذو الكلاع في حمير في الميمنة، وعبيد الله في القراء في الميسرة، فحملوا على ربيعة وهم في ميسرة أهل العراق، وفيهم عبيد الله بن العباس حملة شديدة، فتضعضعت رايات ربيعة.
ثم إن أهل الشام انصرفوا فلم يمكثوا (1) إلا قليلا، حتى كروا ثانية وعبيد الله بن عمر في أوائلهم، يقول: يا أهل الشام، هذا الحي من العراق قتلة عثمان بن عفان وأنصار على ابن أبي طالب، ولئن هزمتم هذه القبيلة أدركتم ثأركم من عثمان، وهلك على وأهل العراق. فشدوا على الناس شدة عظيمة، فثبتت لهم ربيعة، وصبرت صبرا حسنا إلا قليلا من الضعفاء.
فأما أهل الرايات وذوو البصائر منهم والحفاظ، فثبتوا وقاتلوا قتالا شديدا. وأما خالد بن المعمر، فإنه لما رأى بعض أصحابه قد انصرفوا انصرف معهم، فلما رأى أهل الرايات ثابتين صابرين رجع إليهم وصاح بمن انهزم، وأمرهم بالرجوع، فكان من يتهمه من قومه، يقول: إنه فر، فلما رآنا قد ثبتنا رجع إلينا، وقال هو: لما رأيت رجالا منا قد انهزموا، رأيت أن أستقبلهم ثم أردهم إلى الحرب، فجاء بأمر مشتبه (2).
قال نصر: وكان في جملة ربيعة من عنزة وحدها أربعة آلاف مجفف (3).
قلت: لا ريب عند علماء السيرة أن خالد بن المعمر كان له باطن سوء مع معاوية، وأنه انهزم هذا اليوم ليكسر الميسرة على علي عليه السلام، ذكر ذلك الكلبي (4) والواقدي وغيرهما. ويدل على باطنه هذا أنه لما استظهرت ربيعة على معاوية وعلى صفوف أهل الشام في اليوم الثاني من هذا أرسل معاوية إلى خالد بن المعمر: أن كف عنى ولك إمارة خراسان

(1) ج: (لم يلبثوا).
(2) صفين 327، 328 (3) المجفف: من يلبس التجفاف، وهو ما جلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه السهام.
(4) ج: (ابن الكلى).
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175