ابن الخطاب في أربعة آلاف من قراء أهل الشام، وذو الكلاع في حمير في الميمنة، وعبيد الله في القراء في الميسرة، فحملوا على ربيعة وهم في ميسرة أهل العراق، وفيهم عبيد الله بن العباس حملة شديدة، فتضعضعت رايات ربيعة.
ثم إن أهل الشام انصرفوا فلم يمكثوا (1) إلا قليلا، حتى كروا ثانية وعبيد الله بن عمر في أوائلهم، يقول: يا أهل الشام، هذا الحي من العراق قتلة عثمان بن عفان وأنصار على ابن أبي طالب، ولئن هزمتم هذه القبيلة أدركتم ثأركم من عثمان، وهلك على وأهل العراق. فشدوا على الناس شدة عظيمة، فثبتت لهم ربيعة، وصبرت صبرا حسنا إلا قليلا من الضعفاء.
فأما أهل الرايات وذوو البصائر منهم والحفاظ، فثبتوا وقاتلوا قتالا شديدا. وأما خالد بن المعمر، فإنه لما رأى بعض أصحابه قد انصرفوا انصرف معهم، فلما رأى أهل الرايات ثابتين صابرين رجع إليهم وصاح بمن انهزم، وأمرهم بالرجوع، فكان من يتهمه من قومه، يقول: إنه فر، فلما رآنا قد ثبتنا رجع إلينا، وقال هو: لما رأيت رجالا منا قد انهزموا، رأيت أن أستقبلهم ثم أردهم إلى الحرب، فجاء بأمر مشتبه (2).
قال نصر: وكان في جملة ربيعة من عنزة وحدها أربعة آلاف مجفف (3).
قلت: لا ريب عند علماء السيرة أن خالد بن المعمر كان له باطن سوء مع معاوية، وأنه انهزم هذا اليوم ليكسر الميسرة على علي عليه السلام، ذكر ذلك الكلبي (4) والواقدي وغيرهما. ويدل على باطنه هذا أنه لما استظهرت ربيعة على معاوية وعلى صفوف أهل الشام في اليوم الثاني من هذا أرسل معاوية إلى خالد بن المعمر: أن كف عنى ولك إمارة خراسان