قال نصر: واشتد القتال بين ربيعة وحمير وعبيد الله بن عمر حتى كثرت القتلى وجعل عبيد الله يحمل ويقول: أنا الطيب ابن الطيب، فتقول له ربيعة: بل أنت الخبيث ابن الطيب.
ثم خرج نحو خمسمائة فارس أو أكثر من أصحاب علي عليه السلام على رؤوسهم البيض، وهم غائصون في الحديد، لا يرى منهم إلا الحدق، وخرج إليهم من أهل الشام نحوهم في العدة فاقتتلوا بين الصفين، والناس وقوف تحت راياتهم، فلم يرجع من هؤلاء ولا من هؤلاء مخبر، لا عراقي ولا شامي، قتلوا جميعا بين الصفين (1).
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن تميم، قال: نادى منادى (2) أهل الشام: ألا إن معنا الطيب ابن الطيب، عبيد الله بن عمر، فنادى منادى أهل العراق:
بل هو الخبيث ابن الطيب، ونادى منادى أهل العراق: ألا إن معنا الطيب ابن الطيب محمد بن أبي بكر، فنادى منادى أهل الشام: بل الخبيث ابن الطيب.
قال نصر: وكان بصفين تل تلقى عليه جماجم الرجال، فكان يدعى تل الجماجم، فقال عقبة بن مسلم الرقاشي من أهل الشام:
ولم أر فرسانا أشد حفيظة (3) * وأمنع منا يوم تل الجماجم غداة غدا أهل العراق كأنهم * نعام تلاقى في فجاج المخارم إذا قلت قد ولوا تثوب كتيبة (4) * ململمة في البيض شمط المقادم (5) وقالوا لنا: هذا على فبايعوا * فقلنا: صه بل بالسيوف الصوارم (6)