ما بقيت. فكف عنه، فرجع بربيعة، وقد شارفوا أخذه من مضربه، وسيأتي ذكر ذلك.
قال نصر: فلما رجع خالد بن المعمر واستوت صفوف ربيعة، كما كانت خطبهم، فقال:
يا معشر ربيعة: إن الله تعالى قد أتى بكل رجل منكم من منبته ومسقط رأسه، فجمعكم في هذا المكان جمعا لم تجتمعوا مثله قط منذ أفرشكم الله الأرض، وإنكم إن تمسكوا أيديكم، وتنكلوا عن عدوكم وتحولوا عن مصافكم، لا يرضى الرب فعلكم ولا تعدموا معيرا يقول: فضحت ربيعة الذمار، وخاموا (1) عن القتال، وأتيت من قبلهم العرب، فإياكم أن يتشاءم بكم اليوم المسلمون. وإنكم إن تمضوا مقدمين وتصبروا محتسبين، فإن الاقدام منكم عادة، والصبر منكم سجية، فاصبروا ونيتكم صادقة تؤجروا، فإن ثواب من نوى ما عند الله شرف الدنيا وكرامة الآخرة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
فقام إليه رجل من ربيعة وقال: قد ضاع والله أمر ربيعة حين جعلت أمرها إليك، تأمرنا ألا نحول ولا نزول حتى نقتل أنفسنا ونسفك دماءنا!
فقام إليه رجال من قومه، فتناولوه بقسيهم، ولكزوه بأيديهم، وقالوا لخالد بن المعمر:
أخرجوا هذا من بينكم، فإن هذا إن بقي فيكم ضركم، وإن خرج منكم لم ينقصكم عددا، هذا الذي لا ينقص العدد، ولا يملأ البلد. ترحك (2) الله من خطيب قوم! لقد جنبك الخبر. قبح الله ما جئت به!