شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٧٤
أصحابنا المعتزلة من الكبائر، قال الله تعالى: ﴿ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم﴾ (1)، والجهاد بين يدي الامام، كالجهاد بين يدي الرسول عليه السلام.
قوله عليه السلام: (وطيبوا عن أنفسكم نفسا)، لما نصب (نفسا) على التمييز وحده، لان التمييز لا يكون إلا واحدا، وإن كان في معنى الجمع، تقول: انعموا بالا، ولا تضيقوا ذرعا، وأبقى (الأنفس) على جمعها لما لم يكن به حاجة إلى توحيدها، يقول: وطنوا أنفسكم على الموت ولا تكرهوه، وهو نوه عليكم، تقول: طبت عن مالي نفسا، إذا هونت ذهابه.
وقوله: (وامشوا إلى الموت مشيا سجحا)، أي سهلا، والسجاحة: السهولة، يقال (2):
في أخلاق فلان سجاحة، ومن رواه (سمحا) أراد سهلا أيضا.
والسواد الأعظم، يعنى به جمهور أهل الشام.
قوله: (والرواق المطنب)، يريد به مضرب معاوية ذا الاطناب، وكان معاوية في مضرب عليه قبة عالية، وحوله صناديد أهل الشام. وثبجه: وسطه، وثبج الانسان:
ما بين كاهله إلى ظهره.
والكسر: جانب الخباء. وقوله: (فإن الشيطان كامن في كسره)، يحتمل وجهين:
أحدهما أن يعنى به الشيطان الحقيقي، وهو إبليس، والثاني: أن يعنى به معاوية. والثاني هو الأظهر للقرينة التي تؤيده، وهي قوله: (قد قدم للوثبة يدا، وأخر للنكوص رجلا)، أي إن جبنتم وثب، وإن شجعتم نكص، أي تأخر وفر، ومن حمله على الوجه الأول جعله من باب المجاز، أي أن إبليس كالانسان الذي يعتوره دواع مختلفة بحسب المتجددات، فإن أنتم صدقتم عدوكم القتال فر عنكم بفرار عدوكم، وإن تخاذلتم وتواكلتم طمع فيكم بطمعه، وأقدم عليكم بإقدامه.

(١) سورة الأنفال ٨ (2) ب: (تقول).
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175