أصحابنا المعتزلة من الكبائر، قال الله تعالى: ﴿ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم﴾ (1)، والجهاد بين يدي الامام، كالجهاد بين يدي الرسول عليه السلام.
قوله عليه السلام: (وطيبوا عن أنفسكم نفسا)، لما نصب (نفسا) على التمييز وحده، لان التمييز لا يكون إلا واحدا، وإن كان في معنى الجمع، تقول: انعموا بالا، ولا تضيقوا ذرعا، وأبقى (الأنفس) على جمعها لما لم يكن به حاجة إلى توحيدها، يقول: وطنوا أنفسكم على الموت ولا تكرهوه، وهو نوه عليكم، تقول: طبت عن مالي نفسا، إذا هونت ذهابه.
وقوله: (وامشوا إلى الموت مشيا سجحا)، أي سهلا، والسجاحة: السهولة، يقال (2):
في أخلاق فلان سجاحة، ومن رواه (سمحا) أراد سهلا أيضا.
والسواد الأعظم، يعنى به جمهور أهل الشام.
قوله: (والرواق المطنب)، يريد به مضرب معاوية ذا الاطناب، وكان معاوية في مضرب عليه قبة عالية، وحوله صناديد أهل الشام. وثبجه: وسطه، وثبج الانسان:
ما بين كاهله إلى ظهره.
والكسر: جانب الخباء. وقوله: (فإن الشيطان كامن في كسره)، يحتمل وجهين:
أحدهما أن يعنى به الشيطان الحقيقي، وهو إبليس، والثاني: أن يعنى به معاوية. والثاني هو الأظهر للقرينة التي تؤيده، وهي قوله: (قد قدم للوثبة يدا، وأخر للنكوص رجلا)، أي إن جبنتم وثب، وإن شجعتم نكص، أي تأخر وفر، ومن حمله على الوجه الأول جعله من باب المجاز، أي أن إبليس كالانسان الذي يعتوره دواع مختلفة بحسب المتجددات، فإن أنتم صدقتم عدوكم القتال فر عنكم بفرار عدوكم، وإن تخاذلتم وتواكلتم طمع فيكم بطمعه، وأقدم عليكم بإقدامه.