فرجع إلى معاوية فأخبره فقال: يا أبا حوثرة، لقد عتا بحق هذا جدا. ثم وجه إليه جيشا أكثره أهل الكوفة، فلما نظر إليهم حوثرة، قال لهم: يا أعداء الله، أنتم بالأمس تقاتلون معاوية لتهدوا سلطانه، وأنتم اليوم تقاتلون معه لتشدوا سلطانه! فخرج إليه أبوه، فدعاه إلى البراز، فقال: يا أبت، لك في غيري مندوحة، ولى في غيرك مذهب، ثم حمل على القوم وهو يقول:
أكرر على هذى الجموع حوثرة * فعن قليل ما تنال المغفرة فحمل عليه رجل من طيئ فقتله، فلما رأى أثر السجود قد لوح جبهته ندم على قتله (1).
وقال الرهين المرادي أحد فقهاء الخوارج ونساكها (2):
يا نفس قد طال في الدنيا مراوغتي * لا تأمنن لصرف الدهر تنغيصا إني لبائع ما يفنى لباقية * إن لم يعقني رجاء العيش تربيصا (3) وأسال الله بيع النفس محتسبا * حتى ألاقي في الفردوس حرقوصا (4) وابن المنيح ومرداسا وإخوته * إذ فارقوا هذه الدنيا مخاميصا قال أبو العباس: وأكثرهم لم يكن يبالي بالقتل، وشيمتهم استعذاب الموت، والاستهانة بالمنية.
ومنهم الهازئ بالأمراء، وقد قدم إلى السيف، ولى زياد شيبان بن عبد الله الأشعري - صاحب مقبرة بنى شيبان - باب عثمان وما يليه بالبصرة، فجد في طلب الخوارج، وأخافهم، فلم