شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٤١
قال قاضى القضاة: قال شيخنا أبو علي رحمه الله تعالى: لم يثبت عندنا ولا صح عندنا ما يقال من طعن عبد الله عليه، وإكفاره له، والذي يصح من ذلك أن عبد الله كره منه جمعه الناس على قراءة زيد بن ثابت وإحراقه المصاحف، وثقل ذلك عليه كما يثقل على الواحد منا تقديم غيره عليه.
وقد قيل: إن بعض موالي عثمان ضربه لما سمع منه الوقيعة في عثمان، ولو صح أنه أمر بضربه لم يكن بأن يكون طعنا في عثمان بأولى من أن يكون طعنا في ابن مسعود، لان للامام تأديب غيره، وليس لغيره الوقيعة فيه إلا بعد البيان. وقد ذكر الشيخ أبو الحسين الخياط أن ابن مسعود إنما عابه لعزله إياه، وقد روى أن عثمان اعتذر إليه فلم يقبل عذره، ولما أحضر إليه عطاءه في مرضه، قال ابن مسعود: منعتني إياه إذ كان ينفعني، وجئتني به عند الموت! لا أقبله. وأنه وسط أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليزيل ما في نفسه فلم يجب، وهذا يوجب ذم ابن مسعود إذ لم يقبل الندم، ويوجب براءة عثمان من هذا العيب، لو صح ما صح ما رووه من ضربه.
اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال: المعلوم المروي خلاف ما ذكره أبو علي، ولا يختلف أهل النقل في طعن ابن مسعود على عثمان، وقوله فيه أشد الأقوال وأعظمها، والعلم بذلك كالعلم بكل ما يدعى فيه الضرورة، وقد روى كل من روى السيرة من أصحاب الحديث على اختلاف طرقهم أن ابن مسعود كان يقول: ليتني وعثمان برمل عالج (1) يحثو على وأحثو عليه حتى يموت الأعجز منى ومنه!
ورووا أنه كان يطعن عليه، فيقال له: ألا خرجت عليه، ليخرج معك! فيقول:
لان أزاول جبلا راسيا أحب إلى من أن أزاول ملكا مؤجلا.

(1) عالج: رمال بين فيد والقريات، ينزلها بعض طي، متصلة بالثعلبية. مراصد الاطلاع 2: 911.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335