من الكرامة ثوبا لن ننزعه طوعا، ما جاوب الصدى، وسقط الندى، وعرف الهدى، حملهم على ذلك البغي والحسد، فنستعين الله عليهم. أيها الناس، قد علمتم أنى خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وخليفة أمير المؤمنين عثمان بن عفان عليكم، وأنى لم أقم رجلا منكم على خزاية (١) قط، وأنى ولى عثمان، وقد قتل مظلوما، والله تعالى يقول: ﴿ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا﴾ (2)، وأنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان.
فقام أهل الشام بأجمعهم، فأجابوا إلى الطلب بدم عثمان، وبايعوه على ذلك، وأوثقوا له على أن يبذلوا بين يديه أموالهم وأنفسهم، حتى يدركوا بثأره أو تلتحق أرواحهم بالله.
قال نصر: فلما أمسى معاوية اغتم بما هو فيه، وجنه الليل وعنده أهل بيته، فقال:
تطاول ليلى واعترتني وساوسي * لات أتى بالترهات البسابس (3) أتاني والحوادث جمة * بتلك التي فيها اجتداع المعاطس أكايده والسيف بيني وبينه * ولست لأثواب الدنئ بلابس إن الشام أعطت طاعة يمنية * تواصفها أشياخها في المجالس فإن يفعلوا أصدم عليا بجبهة * تفت عليه كل رطب ويابس وإني لأرجو خير ما نال نائل * وما أنا من ملك العراق بايس (4) قلت: الجبهة هاهنا: الخيل، ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله: (ليس في الجبهة صدقة)، أي زكاة.
* * *