وقال من ترفع عن هذه الطبقة منهم: لا يجوز أن يرى بعين خلقت للفناء، وإنما يرى الآخرة بعين خلقت للبقاء.
وقال كثير من هؤلاء: إن محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه بعيني رأسه ليلة المعراج.
ورووا عن كعب الأحبار أن الله تعالى قسم كلامه ورؤيته بين موسى ومحمد عليه السلام.
ورووا عن المبارك بن فضالة أن الحسن كان يحلف بالله: قد رأى محمد ربه.
وتعلق كثير منهم بقوله تعالى: (ولقد رآه نزلة أخرى (1))، وقالوا: كلمه موسى عليه السلام مرتين، ورآه محمد صلى الله عليه وآله مرتين.
وأنكر ابن الهيصم مع اعتقاده أقوال الكرامية ذلك، وقال: إن محمدا صلى الله عليه وآله لم يره، ولكنه سوف يراه في الآخرة.
قال: وإلى هذا القول ذهبت عائشة وأبو ذر وقتادة، وقد روى مثله عن ابن عباس وابن مسعود.
واختلف من قال: إنه يرى في الآخرة، هل يجوز أن يراه الكافر؟ فقال أكثرهم:
إن الكفار لا يرونه، لان رؤيته كرامة، والكافر لا كرامة له. وقالت السالمية وبعض الحشوية: إن الكفار يرونه يوم القيامة، وهو قول محمد بن إسحاق بن خزيمة، ذكر ذلك عنه محمد بن الهيصم.
فأما الأشعري وأصحابه، فإنهم لم يقولوا كما قال هؤلاء: إنه يرى كما يرى الواحد منا، بل قالوا: يرى، وليس فوقا ولا تحتا ولا يمينا ولا شمالا ولا أماما ولا وراء، ولا يرى كله ولا بعضه، ولا هو في مقابلة الرائي ولا منحرفا عنه، ولا تصح الإشارة إليه إذا رئي،