وصرح ابن الهيصم في كتاب،، المقالات،، بقيام الحوادث بذات البارئ فقال: إنه تعالى إذا أمر أو نهى، أو أراد شيئا كان أمره ونهيه وإراداته كائنة بعد أن لم تكن، وهي قائمة به، لان قوله منه يسمع، وكذلك إرادته منه توجد.
قال: وليس قيام الحوادث بذاته دليلا على حدوثه، وإنما يدل على الحدوث تعاقب الأضداد التي لا يصح أن يتعطل منها، والباري تعالى لا تتعاقب عليه الأضداد.
وذهب أبو البركات البغدادي صاحب،، المعتبر،، إلى أن الحوادث تقوم بذات البارئ سبحانه، وأنه لا يصح إثبات الإلهية إلا بذلك. وقال: إن المتكلمين ينزهونه عن ذلك، والتنزيه عن هذا التنزيه، هو الواجب.
وذهب أصحابنا وأكثر المتكلمين إلى أن ذلك لا يصح في حق واجب الوجود، و أنه دليل على إمكان ذاته، بل على حدوثها. وأجازوا مع ذلك عليه أن يتجدد له صفات - يعنون الأحوال لا المعاني -، نحو كونه مدركا بعد أن لم يكن. وكقول أبى الحسين:
إنه يتجدد له عالمية بما وجد، وكان من قبل عالما بأنه سيوجد، وإحدى هاتين الصفتين غير الأخرى.
وقالوا: إن الصفات والأحوال قيل (1) مفرد عن المعاني، والمحال إنما هو حلول المعاني في ذاته لا تجدد الصفات لذاته، وللكلام في هذا الباب موضع هو أليق به.
* * * النوع السادس: في نفى اتحاده تعالى بغيره، ذهب أكثر العقلاء إلى استحالة ذلك، وذهبت اليعقوبية من النصارى إلى أن الكلمة اتحدت بعيسى، فصارت جوهرا من جوهرين: أحدهما إلهي، والاخر جسماني. وقد أجاز الاتحاد في نفس الامر لا في ذات