شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٣٤
البارئ قوم من قدماء الفلاسفة، منهم فرفريوس وأجازه أيضا منهم من ذهب إلى أن النفس إنما تعقل المعقولات، لاتحادها بالجوهر المفارق المفيض للنفوس على الأبدان، وهو المسمى بالعقل الفعال.
* * * النوع السابع: في نفى الاعراض الجسمانية عنه من التعب والاستراحة، والألم واللذة، الغم والسرور، ونحو ذلك.
وذهبت المعتزلة و أكثر العقلاء من أهل الملة وغيرهم إلى نفى ذلك، والقول باستحالته عليه سبحانه.
وذهبت الفلاسفة إلى جواز اللذة عليه، وقالوا: إنه يلتذ بإدراك ذاته وكماله، لان إدراك الكمال هو اللذة أو سبب اللذة، وهو تعالى أكمل الموجودات، وإدراكه أكمل الادراكات، وإلى هذا القول ذهب محمد الغزالي (١) من الأشعرية.
وحكى ابن الراوندي عن الجاحظ أن أحد قدماء المعتزلة - ويعرف بأبي شعيب - كان يجوز عليه تعالى السرور والغم، والغيرة والأسف، ويذكر في ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا أحد أغير من الله، وأنه تعالى يفرح بتوبة عبده ويسر بها).
وقال تعالى: ﴿فلما آسفونا انتقمنا منهم﴾ (٢)، وقال مقال المتحسر (٣) على الشئ:
﴿يا حسرة على العباد﴾ (4)، وحكى عنه أيضا أنه يجوز عليه أن يتعب ويستريح، ويحتج بقوله: (وما مسنا من لغوب) (5).

(١) هو الإمام محمد بن محمد أبو حامد الغزالي صاحب الاحياء.
(٢) سورة الزخرف ٥٥ (٣) كذا في ا، ج، وفي ب، ا (حكاية عن التحسر).
(٤) سورة يس ٣٠ (5) سورة ق 38
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست