شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٤١
على الفساد، لظهر فساده لطلبة الحق، وإنما يقع الاشتباه لامتزاج قضاياه الصادقة بالقضايا الكاذبة.
مثال ذلك احتجاج من أجاز الرؤية بأن البارئ تعالى ذات موجودة، وكل موجود يصح أن يرى، فإحدى المقدمتين حق، والأخرى باطل، فالتبس أمر النتيجة على كثير من الناس.
ومثال ما يكون المقدمتان جميعا باطلتين، قول قوم من الباطنية: البارئ لا موجود ولا معدوم، وكل ما لا يكون موجودا ولا معدوما يصح أن يكون حيا قادرا، فالبارئ تعالى يصح أن يكون حيا قادرا، فهاتان المقدمتان جميعا باطلتان. لا جرم أن هذه المقالة مرغوب عنها عند العقلاء!
ومثال ما تكون مقدماته حقا كلها: العالم متغير، وكل متغير ممكن، فالعالم ممكن، فهذا مما لا خلاف فيه بين العقلاء.
فإن قيل: فما معنى قوله عليه السلام: (فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى)، أليس هذا إشعارا بقول المجبرة وتلويحا به؟
قيل: لا إشعار في ذلك بالجبر، ومراده عليه السلام أنه إذا امتزج في النظر الحق بالباطل، وتركبت المقدمات من قضايا صحيحة وفاسدة، تمكن الشيطان من الإضلال والإغواء، ووسوس إلى المكلف، وخيل له النتيجة الباطلة، وأماله إليها، وزينها عنده، بخلاف ما إذا كانت المقدمات حقا كلها، فإنه لا يقدر الشيطان على أن يخيل له ما يخالف العقل الصريح، ولا يكون له مجال في تزيين الباطل عنده، ألا ترى أن الأوليات لا سبيل للانسان إلى جحدها وإنكارها، لا بتخييل الشيطان ولا بغير ذلك!
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335