وذهبت الحلولية من أهل الملة وغيرها، إلى أنه تعالى يحل في بعض الأجسام دون بعض كما يشاء سبحانه، وإلى هذا القول ذهب أكثر الغلاة في أمير المؤمنين. ومنهم من قال بانتقاله من أمير المؤمنين عليه السلام إلى أولاده، ومنهم من قال بانتقاله من أولاده إلى قوم من شيعته وأوليائه، واتبعهم على هذه المقالة قوم من المتصوفة كالحلاجية والبسطامية وغيرهم.
وذهبت النسطورية (1) من النصارى إلى حلول الكلمة في بدن عيسى عليه السلام، كحلول السواد في الجسم.
فأما اليعقوبية (2) من النصارى، فلا تثبت الحلول، وإنما تثبت الاتحاد بين الجوهر الإلهي والجوهر الجسماني، وهو أشد بعدا من الحلول.
* * * النوع الخامس: في نفى كونه تعالى محلا لشئ، ذهبت المعتزلة وأكثر أهل الملة والفلاسفة إلى نفى ذلك، والقول باستحالته على ذاته سبحانه.
وذهبت الكرامية إلى أن الحوادث تحل في ذاته، فإذا أحدث جسما أحدث معنى حالا في ذاته، وهو الاحداث، فحدث ذلك الجسم مقارنا لذلك المعنى أو عقيبه، قالوا: وذلك المعنى هو قول (كن) وهو المسمى خلقا، والخلق غير المخلوق، قال الله تعالى: (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم) (3)، قالوا: لكنه قد أشهدنا ذواتها، فدل على أن خلقها غيرها.