وهذه الألفاظ كلها عند أصحابنا متأولة محمولة على محامل صحيحة، تشتمل على شرحها الكتب المبسوطة.
* * * النوع الثامن: في أنه تعالى ليس بمتلون. لم يصرح أحد من العقلاء قاطبة بأن الله تعالى متلون، وإنما ذهب قوم من أهل التشبيه التجسيم إلى أنه نور، فإذا أبصرته العيون وأدركته أبصرت شخصا نورانيا مضيئا، لم يزيدوا على ذلك، ولم يصرحوا بإثبات اللون بهذه العبارة، وإن كان كل مضئ ملونا.
* * * النوع التاسع: في أنه تعالى لا يشتهى ولا ينفر، ذهب شيوخنا المتكلمون إلى أنه سبحانه لا يصح عليه الشهوة والنفرة، لأنهما إنما يصحان على ما يقبل الزيادة والنقصان بطريق الاغتذاء والنمو، والبارئ سبحانه وتعالى يتعالى عن ذلك، وما عرفت لأحد من الناس خلافا في ذلك، اللهم إلا أن يطلق هاتان اللفظتان على مسمى الإرادة والكراهية، على سبيل المجاز.
* * * النوع العاشر: في أن البارئ تعالى غير متناهي الذات قالت المعتزلة: لما كان البارئ تعالى ليس بجسم وجسماني، وكانت النهاية من لواحق الأشياء ذوات المقادير، يقال:
هذا الجسم متناه، أي ذو طرف.
قلنا: إن ذات البارئ تعالى غير متناهية، لا على معنى أن امتداد ذاته غير متناه، فإنه سبحانه ليس بذي امتداد، بل بمعنى أن الموضوع الذي يصدق عليه النهاية ليس بمتحقق في حقه سبحانه، فقلنا: إن ذاته غير متناهية، كما يقول المهندس: إن النقطة غير متناهية، لا على معنى أن لها امتدادا غير متناه، فإنها ليست بممتدة أصلا، بل على معنى أن الامر