الموصل، ثم نصيبين، ثم القنى بالرقة، فإني موافيها. وسكن الناس وأمنهم، ولا تقاتل إلا من قاتلك، وسر البردين (1) وغور بالناس (2). أقم الليل، ورفه في السير ولا تسر أول الليل، فإن الله جعله سكنا، أرح فيه بدنك وجندك وظهرك، فإذا كان السحر، أو حين يتبلج (3) الفجر، فسر.
فسار حتى أتى الحديثة - وهي إذ ذاك منزل الناس، وإنما بنى مدينة الموصل بعد ذلك محمد بن مروان - فإذا بكبشين ينتطحان، ومع معقل بن قيس رجل من خثعم يقال له شداد بن أبي ربيعة (4) - قتل بعد ذلك مع الحرورية - فأخذ يقول: إيه، إيه!
فقال معقل: ما تقول؟ فجاء رجلان نحو الكبشين، فأخذ كل واحد منهما كبشا وانصرفا، فقال الخثعمي لمعقل: لا تغلبون ولا تغلبون، فقال معقل: من أين علمت؟
قال: أما أبصرت الكبشين، أحدهما مشرق والاخر مغرب، التقيا فاقتتلا وانتطحا، فلم يزل كل واحد من مصاحبه منتصفا، حتى أتى كل واحد منهما صاحبه فانطلق به!
فقال معقل: أو يكون خيرا مما تقول يا أخا خثعم! ثم مضى حتى وافى عليا عليه السلام بالرقة.
قال نصر: وقالت طائفة من أصحاب علي عليه السلام له: يا أمير المؤمنين، اكتب إلى معاوية ومن قبله من قومك، فإن الحجة لا تزداد عليهم بذلك إلا عظما. فكتب إليهم عليه السلام: [بسم الله الرحمن الرحيم] (5)، من عبد الله على أمير المؤمنين إلى معاوية ومن قبله من قريش: