له. وأما دوابكم هذه، فإن أحببتم أن آخذها منكم، وأحسبها لكم من خراجكم أخذناها منكم. وأما طعامكم الذي صنعتم لنا، فإنا نكره أن نأكل من أموالكم إلا بثمن. قالوا: يا أمير المؤمنين، نحن نقومه ثم نقبل ثمنه، قال: إذا لا تقومونه قيمته، نحن نكتفي بما هو دونه. قالوا: يا أمير المؤمنين، فإن لنا من العرب موالي ومعارف، أتمنعنا أن نهدي لهم أو تمنعهم أن يقبلوا منا؟ فقال: كل العرب لكم موال، وليس ينبغي لأحد من المسلمين أن يقبل هديتكم، وإن غصبكم أحد فأعلمونا. قالوا:
يا أمير المؤمنين، إنا نحب أن تقبل هديتنا وكرامتنا. قال: ويحكم! فنحن أغنى منكم.
وتركهم وسار.
قال نصر: وحدثنا (1) عبد العزيز بن سياه، قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، قال:
حدثنا [أبو] (2) سعيد التيمي المعروف بعقيصي، قال: كنا مع علي عليه السلام في مسيره إلى الشام، حتى إذا كنا بظهر الكوفة من جانب هذا السواد، عطش الناس واحتاجوا إلى الماء، فانطلق بنا علي عليه السلام حتى أتى [بنا] (2) إلى صخرة ضرس (3) في الأرض، كأنها ربضة عنز (4)، فأمرنا فاقتلعناها، فخرج لنا من تحتها ماء، فشرب الناس منه، وارتووا.
ثم أمرنا فأكفأناها عليه. وسار الناس حتى إذا مضى قليلا، قال عليه السلام: أمنكم أحد يعلم مكان هذا الماء الذي شربتم منه؟ قالوا: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فانطلقوا إليه، فانطلق منا رجال ركبانا ومشاة، فاقتصصنا الطريق إليه، حتى انتهينا إلى المكان الذي نرى أنه فيه، فطلبناه، فلم نقدر على شئ، حتى إذا عيل علينا انطلقنا إلى دير قريب