ليس بيني وبين قيس عتاب غير طعن الكلى وضرب الرقاب فقال علي عليه السلام لما أتاه هذا الجواب: ﴿إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين﴾ (1).
قال نصر: وقال علي عليه السلام لأهل الرقة: جسروا لي جسرا أعبر عليه من هذا المكان إلى الشام، فأبوا، وقد كانوا ضموا السفن إليهم، فنهض من عندهم ليعبر على جسر منبج، وخلف عليهم الأشتر، فقال: يا أهل هذا الحصن، إني أقسم بالله إن مضى أمير المؤمنين عليه السلام ولم تجسروا له عند مدينتكم حتى يعبر منها، لأجردن فيكم السيف، فلا قتلن مقاتلكم، ولأخربن أرضكم، ولآخذن أموالكم.
فلقى بعضهم بعضا، فقالوا: إن الأشتر يفي بما حلف عليه، وإنما خلفه على عندنا ليأتينا بشر، فبعثوا إليه: إنا ناصبون لكم جسرا، فأقبلوا. فأرسل الأشتر إلى علي عليه السلام، فجاء، ونصبوا له الجسر، فعبر الأثقال والرجال، وأمر الأشتر فوقف في ثلاثة آلاف فارس، حتى لم يبق من الناس أحد الا عبر، ثم عبر آخر الناس رجلا.
قال نصر: وازدحمت الخيل حين عبرت، فسقطت قلنسوة عبد الله بن أبي الحصين، فنزل فأخذها، وركب، ثم سقطت قلنسوة عبد الله بن الحجاج، فنزل فأخذها، ثم ركب فقال لصاحبه:
فإن يك ظن الزاجري الطير صادقا * كما زعموا، أقتل وشيكا وتقتل فقال عبد الله بن أبي الحصين: ما شئ أحب إلى مما ذكرت، فقتلا معا يوم صفين (2).