شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢١٤
فقال: إلى مبارزتي أم إلى مبارزتك؟ فقال: أولو أمرتك بمبارزته فعلت؟ قال: نعم، والذي لا إله إلا هو، لو أمرتني أن أعترض صفهم بسيفي لفعلت حتى أضربه بالسيف.
فقال: يا بن أخي، أطال الله بقاءك! قد والله ازددت. فيك رغبة، لا ما أمرتك بمبارزته، إنما أمرتك أن تدعوه لمبارزتي، فإنه لا يبارز - إن كان ذلك من شأنه - إلا ذوي الأسنان والكفاءة والشرف، وأنت بحمد الله من أهل الكفاءة والشرف، ولكنك حديث السن، وليس يبارز الاحداث، فاذهب فادعه إلى مبارزتي.
فأتاهم فقال: أنا رسول فأمنوني، فجاء حتى انتهى إلى أبى الأعور.
قال نصر: فحدثني (1) عمر بن سعد، عن أبي زهير العبسي، عن صالح بن سنان، عن أبيه، قال: فقلت له: إن الأشتر يدعوك إلى المبارزة، قال: فسكت عنى طويلا، ثم قال:
إن خفة الأشتر وسوء رأيه وهوانه: دعاه إلى إجلاء عمال عثمان، وافترائه عليه، يقبح محاسنه، ويجهل حقه، ويظهر عداوته. ومن خفة الأشتر وسوء رأيه أنه سار إلى عثمان في داره وقراره، فقتله فيمن قتله، وأصبح متبعا (2) بدمه، لا حاجة لي في مبارزته.
فقلت: إنك قد تكلمت فاسمع حتى أجيبك، فقال: لا حاجة لي في جوابك ولا الاستماع منك، اذهب عنى، وصاح بي أصحابه فانصرفت عنه، ولو سمع لأسمعته عذر صاحبي وحجته.
فرجعت إلى الأشتر، فأخبرته أنه قد أبى المبارزة، فقال: لنفسه نظر.
قال: فتواقفنا، فإذا هم قد انصرفوا. قال: وصبحنا علي عليه السلام غدوة سائرا نحو معاوية، فإذا أبو الأعور قد سبق إلى سهولة الأرض وسعة المنزل، وشريعة الماء، مكان

(1) كتاب صفين 173 (2) صفين: (مبتعى).
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335