فقال: إلى مبارزتي أم إلى مبارزتك؟ فقال: أولو أمرتك بمبارزته فعلت؟ قال: نعم، والذي لا إله إلا هو، لو أمرتني أن أعترض صفهم بسيفي لفعلت حتى أضربه بالسيف.
فقال: يا بن أخي، أطال الله بقاءك! قد والله ازددت. فيك رغبة، لا ما أمرتك بمبارزته، إنما أمرتك أن تدعوه لمبارزتي، فإنه لا يبارز - إن كان ذلك من شأنه - إلا ذوي الأسنان والكفاءة والشرف، وأنت بحمد الله من أهل الكفاءة والشرف، ولكنك حديث السن، وليس يبارز الاحداث، فاذهب فادعه إلى مبارزتي.
فأتاهم فقال: أنا رسول فأمنوني، فجاء حتى انتهى إلى أبى الأعور.
قال نصر: فحدثني (1) عمر بن سعد، عن أبي زهير العبسي، عن صالح بن سنان، عن أبيه، قال: فقلت له: إن الأشتر يدعوك إلى المبارزة، قال: فسكت عنى طويلا، ثم قال:
إن خفة الأشتر وسوء رأيه وهوانه: دعاه إلى إجلاء عمال عثمان، وافترائه عليه، يقبح محاسنه، ويجهل حقه، ويظهر عداوته. ومن خفة الأشتر وسوء رأيه أنه سار إلى عثمان في داره وقراره، فقتله فيمن قتله، وأصبح متبعا (2) بدمه، لا حاجة لي في مبارزته.
فقلت: إنك قد تكلمت فاسمع حتى أجيبك، فقال: لا حاجة لي في جوابك ولا الاستماع منك، اذهب عنى، وصاح بي أصحابه فانصرفت عنه، ولو سمع لأسمعته عذر صاحبي وحجته.
فرجعت إلى الأشتر، فأخبرته أنه قد أبى المبارزة، فقال: لنفسه نظر.
قال: فتواقفنا، فإذا هم قد انصرفوا. قال: وصبحنا علي عليه السلام غدوة سائرا نحو معاوية، فإذا أبو الأعور قد سبق إلى سهولة الأرض وسعة المنزل، وشريعة الماء، مكان