إجمالا لا تفصيلا، وهو مذهب الجويني (1) من متكلمي الأشعرية.
القول السابع: قول من قال إنه تعالى يعلم المعلومات المفصلة ما لم يفض القول به إلى محال، وزعموا أن القول بأنه يعلم كل شئ يفضي إلى محال، وهو أن يعلم ويعلم أنه يعلم، وهلم جرا إلى ما لا نهاية له، وكذلك المحال لازم إذا قيل إنه يعلم الفروع، وفروع الفروع ولوازمها ولوازم لوازمها إلى ما لا نهاية له. قالوا: ومحال اجتماع كل هذه العلوم غير المتناهية في الوجود، وهذا مذهب أبي البركات البغدادي صاحب المعتبر (2).
القول الثامن: قول من زعم أنه تعالى لا يعلم الشخصيات الجزئية، وإنما يعلم الكليات التي لا يجوز عليها التغيير، كالعلم بأن كل إنسان حيوان، ويعلم نفسه أيضا، وهذا مذهب أرسطو وناصري قوله من الفلاسفة كابن سينا وغيره.
القول التاسع: قول من زعم أنه تعالى لا يعلم شيئا أصلا، لا كليا ولا جزئيا، وإنما وجد العالم عنه لخصوصية ذاته فقط من غير أن يعلمه، كما أن المغناطيس يجذب الحديد لقوة فيه من غير أن يعلم بالجذب، وهذا قول قوم من قدماء الفلاسفة.
فهذا تفصيل المذاهب في هذه المسألة.
واعلم أن حجه المتكلمين على كونه عالما بكل شئ، إنما تتضح بعد إثبات حدوث العالم، وأنه فعله بالاختيار، فحينئذ لا بد من كونه عالما، لأنه لو لم يكن عالما بشئ أصلا لما صح أن يحدث العالم على طريق الاختيار، لان الاحداث على طريق الاختيار، إنما يكون بالغرض والداعي، وذلك يقتضى كونه عالما، فإذا ثبت أنه عالم بشئ أفسدوا حينئذ أن يكون عالما بمعنى اقتضى له العالمية، أو بأمر خارج عن ذاته، مختارا كان أو غير مختار،