وإن يتمادوا في الشقاق ولا ينزعوا عن الغي فسر إليهم. وقد قدمنا إليهم بالعذر (١)، و دعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق، فوالله لهم من الحق أبعد، وعلى الله أهون، من قوم قاتلناهم أمس بناحية البصرة لما دعوناهم إلى الحق فتركوه، ناوجناهم براكاء القتال (٢)، حتى بلغنا منهم ما نحب، وبلغ الله منهم رضاه.
فقام زيد بن حصين الطائي - وكان من أصحاب البرانس (٣) المجتهدين - فقال: الحمد لله حتى يرضى، ولا إله إلا الله ربنا، أما بعد: فوالله إن كنا في شك من قتال من خالفنا، ولا تصلح لنا النية في قتالهم حتى نستديمهم ونستأنيهم - ما الأعمال إلا في تباب، ولا السعي إلا في ضلال، والله تعالى يقول: ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾ (4) إننا، والله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يتبعونه (5)، فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم، القليل من الاسلام حظهم، أعوان الظلمة وأصحاب الجور والعدوان (6) ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار، ولا التابعين بإحسان.
فقام رجل من طيئ فقال: يا زيد بن حصين، أكلام سيدنا عدى بن حاتم تهجن (7)! فقال: زيد ما أنتم بأعرف بحق عدى منى، ولكني لا أدع القول بالحق وإن سخط الناس.
قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد، عن الحارث بن حصين قال (8): دخل أبو زينب