فقال علي عليه السلام: الطريق مشترك، والناس في الحق سواء، ومن اجتهد رأيه في نصيحة العامة، فقد قضى ما عليه. ثم نزل فدخل منزله (1).
* * * قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد، قال: حدثني أبو زهير العبسي، عن النضر بن صالح أن عبد الله بن المعتم العبسي وحنظله بن الربيع التميمي، لما أمر علي عليه السلام الناس بالمسير إلى الشام دخلا عليه في رجال كثير من غطفان وبنى تميم، فقال له حنظلة: يا أمير المؤمنين، إنا قد مشينا إليك في نصيحة فاقبلها، ورأينا لك رأيا فلا تردنه علينا، فإنا نظرنا لك ولمن معك، أقم وكاتب هذا الرجل، ولا تعجل إلى قتال أهل الشام، فإنا والله ما ندري ولا تدرى لمن تكون الغلبة إذا التقيتم، ولا على من تكون الدبرة!
وقال ابن المعتم مثل (2) قوله، وتكلم القوم الذين دخلوا معهما بمثل كلامهما، فحمد علي عليه السلام الله وأثنى، ثم قال:
أما بعد فإن الله وارث العباد والبلاد، ورب السماوات السبع، والأرضين السبع، وإليه ترجعون، يؤتى الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء. أما الدبرة، فإنها على الضالين العاصين ظفروا أو ظفر بهم، وأيم الله إني لأسمع كلام قوم ما أراهم يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا.
فقام إليه معقل بن قيس الرياحي، فقال: يا أمير المؤمنين، إن هؤلاء والله ما آثروك بنصح، ولا دخلوا عليك إلا بغش، فأحذرهم فإنهم أدنى العدو.
وقال له مالك بن حبيب: إنه بلغني يا أمير المؤمنين أن حنظلة هذا يكاتب معاوية، فادفعه إلينا نحبسه حتى تنقضي غزاتك، وتنصرف.