ليت أن في جندي مائة مثلك، فقال حجر: إذا والله يا أمير المؤمنين، صح جندك، وقل فيهم من يغشك.
قال نصر: وقام حجر بن عدي، فقال: يا أمير المؤمنين، نحن بنو الحرب وأهلها الذين نلقحها وننتجها، قد ضارستنا وضارسناها (1)، ولنا أعوان وعشيرة ذات عدد ورأي مجرب، وبأس محمود، وأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة، فإن شرقت شرقنا، وإن غربت غربنا، وما أمرتنا به من أمر فعلنا. فقال علي عليه السلام: أكل قومك يرى مثل رأيك؟ قال: ما رأيت منهم إلا حسنا، وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة وحسن الإجابة. فقال له علي عليه السلام خيرا.
* * * قال نصر: حدثنا عمر بن سعد، قال: كتب عليه السلام إلى عماله حينئذ يستفزهم، فكتب إلى مخنف بن سليم:
سلام (2) عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن جهاد من صدف عن الحق رغبة عنه، وعب في نعاس العمى والضلال، اختيارا له - فريضة على العارفين. إن الله يرضى عمن أرضاه، ويسخط على من عصاه، وإنا قد هممنا بالسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله، واستأثروا بالفئ، وعطلوا الحدود، وأماتوا الحق، وأظهروا في الأرض الفساد، واتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين، فإذا ولى لله أعظم أحداثهم أبغضوه وأقصوه وحرموه، وإذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه، وأدنوه وبروه، فقد أصروا على الظلم، وأجمعوا على الخلاف، وقديما ما صدوا عن الحق، تعاونوا على الاثم، وكانوا ظالمين. فإذا أتيت بكتابي هذا، فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك، وأقبل إلينا، لعلك تلقى معنا هذا العدو